هل يعمل الذكاء الاصطناعي بدلا منا ؟مهن تتوارى واخرى تنهض

كتبت: فرح سمير
نشر رجلُ الأعمال المصريّ أحمد أبو هشيمة عبر حسابه الرسمي على منصة LinkedIn “لازم تعرف إن الذكاء الاصطناعي مبقاش مستقبل، هو حاضر واللي بيتأخر فيه بيتأخر كتير جدًا.” مؤكدًا أنّ التراجع والإهمال في هذا المجال يضر ّ بمعدلات الإنتاج ويؤخّر المؤسّسات
وبالاعتماد على تصريح المهندس خالد الدغيثر، المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة” مرافق الموحدة “والإداري في “إتقان السعودية”، أصبح الذكاء الاصطناعي لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل الوظائف داخل الشركات.
محمد مغربي- أستشاري التأمين والذكاء الاصطناعي
أوضح محمد مغربي، استشاري التأمين والذكاء الاصطناعي، أن السنوات الأخيرة شهدت ظهور وظائف لم تكن موجودة قبل عقد، مثل Prompt Engineer وAI Trainer، والتي تُعنى بتدريب النماذج وكتابة الأوامر للحصول على نتائج دقيقة. ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يكتفِ بتحسين مهام تقليدية كالتسويق وخدمة العملاء، بل أوجد وظائف جديدة كليًا مثل مهندس تعلم الآلة، عالم البيانات، مدير منتج الذكاء الاصطناعي، وأخصائي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وأشار مغربي إلى تخصصات حديثة مثل Explainable AI وAI Governance، تعكس التركيز المتزايد على الشفافية والمسؤولية، مؤكدًا أن قطاعات التكنولوجيا، الصحة، المال، التعليم، والأمن السيبراني كانت الأكثر استفادة من هذه الطفرة.
كما برزت أدوار جديدة في سوق العمل مثل مصمم المحادثات الآلية، أخصائي التشغيل الآلي، ومهندس عمليات الذكاء الاصطناعي، في حين أصبح العمل الحر شائعًا في مجالات مثل الترجمة وكتابة المحتوى، مع اعتماد متزايد على المهارات الفعلية أكثر من الشهادات.
وشدّد مغربي على أهمية المزج بين الإبداع والتقنية، مشيرًا إلى تجارب مبرمجين يصممون موسيقى بالذكاء الاصطناعي ومصممي جرافيك يستخدمون أدوات مثل Midjourney وDALL·E. كما قدّم نصائح عملية للراغبين في دخول المجال، أبرزها: تعلم Python، أساسيات التعلم الآلي، أدوات تحليل البيانات مثل SQL وPower BI، واستخدام أدوات مثل ChatGPT وCopilot، مع التركيز على التفكير النقدي وفهم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وأكد أن وظائف مثل Prompt Engineer ستشهد تطورًا كبيرًا في المستقبل، محذرًا من الاعتماد الكامل على أداة واحدة، ومشددًا على أهمية بناء أساس متين من المهارات التحليلية وفهم الأنظمة. وختم بدعوة الشباب إلى البدء الآن، تنفيذ مشاريع بسيطة، والانخراط في مجتمعات تقنية لدعم التعلم المستمر.
د. رضوى عبد اللطيف – أستاذة الإعلام الرقمي
فيما تؤكد الدكتورة رضوى عبد اللطيف، أستاذة الإعلام الرقمي، أن “مفيش حاجة اسمها مهن صحفية جديدة، الصحفي هو الصحفي”، تشير إلى أن التغير الحقيقي يكمن في تطور المهام داخل المؤسسات الإعلامية التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتوضح أن الصحفي اليوم مطالب بإجادة إنتاج المحتوى ونشره وتسويقه، إلى جانب فهم سلوك الجمهور والتحقق من دقة المعلومات باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
وترى عبد اللطيف أن الدور الإنساني للصحفي لا يمكن استبداله، بل يُستكمل من خلال مجموعة من الأدوات الحديثة مثل برامج التحرير والتصحيح اللغوي، الترجمة الآلية، التسويق الرقمي، تخصيص المحتوى، وتحليل سلوك الجمهور. وتلفت إلى أن هذه التقنيات أسهمت في نشوء وظائف جديدة في المجال الإعلامي، من بينها محلل بيانات الجمهور، خبير تحليل التوجهات، صحفي البيانات التحليلية، مصمم المحتوى التفاعلي، ومدير الحملات الرقمية، مؤكدة على ضرورة الإبقاء على الرقابة البشرية والالتزام بالقيم المهنية لضمان نزاهة العمل الصحفي
خالد الشربيني – مستشار استراتيجي وخبير موارد بشرية
أكد خالد الشربيني، المستشار الاستراتيجي وخبير الموارد البشرية، أن الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة ملحّة في سوق العمل، مستشهدًا بتقرير Veritone لعام 2024، الذي أشار إلى زيادة وظائف الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة بنسبة 24.5% مقارنة بعام 2023، بما يعادل أكثر من 81 ألف وظيفة جديدة.
وأوضح أن الشركات تبحث عن مهارات متخصصة مثل تحليل البيانات، البرمجة (Python، Java)، الأمن السيبراني، التعلم الآلي، والهندسة التفاعلية، مؤكدًا أن 87% من المؤسسات باتت تستخدم الذكاء الاصطناعي في التوظيف، عبر أدوات مثل فرز السير الذاتية والمقابلات الذكية.
وأشار الشربيني إلى توسع قطاعات مثل الرعاية الصحية، المال، التسويق الرقمي، والخدمات اللوجستية بفضل هذه التقنيات، لافتًا إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي يتوقع خلق 170 مليون وظيفة جديدة بحلول 2030. كما كشف أن 77% من الشركات تخطط لإعادة تأهيل موظفيها عبر تدريبات وشهادات مهنية، مؤكدًا على أهمية دور “قادة التحول” في دمج التكنولوجيا داخل بيئات العمل.
وختم بدعوة الشباب إلى تطوير مهاراتهم التقنية والشخصية، وتبنّي التعلم المستمر، مشددًا على أن الذكاء الاصطناعي لا يُغني عن الإنسان، بل يدعمه ويعزز جودة القرارات والخدمات.
يتضح جليًا من خلال تصريحات أحمد أبو هشيمة وخبراء المجال أن الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا مستقبليًا بل ضرورة حاضرة تتطلب انتباه المؤسسات والأفراد على حد سواء، وإلا فقدوا فرصًا كبيرة في التطور والابتكار. وقد كشفت هذه الحوارات عن تنوع الأدوار والمهام التي نشأت مع اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدءًا من تحليل البيانات وتصميم النماذج وصولًا إلى إدارة الحملات الرقمية وإثراء المحتوى الصحفي، مع التأكيد الدائم على أهمية العنصر البشري والرقابة الإنسانية لضمان جودة الأداء والحفاظ على القيم المهنية.
يبقى الاستثمار في بناء المهارات الأساسية والتخصصية، وتبني ثقافة التعلم المستمر، هو السبيل الأمثل لمواجهة تحديات التحول الرقمي واغتنام فرصه المتجددة. ومن خلال تعاون القادة وصناع القرار مع كوادرهم على تأهيل بيئات العمل وتبني أدوات الذكاء الاصطناعي بوعي ومسؤولية، يمكن للمؤسسات أن تصنع طريقها نحو مستقبلٍ أكثر إنتاجية واستدامة