تفاعل

رؤية سينمائية جديدة لعلاقة البشر بالتكنولوجيا

سوفي تاتشر وجاك كويد يتألقان في فيلم Companion

كتبت إيريني أنطون

شهدت دور العرض العالمية في بداية عام 2025 انطلاق فيلم Companion، أحدث إنتاجات الخيال العلمي والإثارة النفسية من توقيع المخرج والكاتب الأمريكي درو هانكوك، في أولى تجاربه الإخراجية السينمائية. الفيلم من بطولة النجمة الشابة سوفي تاتشر التي تقدم أداءً مركبًا في دور روبوت بشري، إلى جانب جاك كويد، وميغان سوري، ولوكاس غيج، وهارفي غيين.

صدر الفيلم يوم 31 يناير 2025 في الولايات المتحدة، وتبلغ مدة عرضه 97 دقيقة. وقد أنتجته شركة New Line Cinema بالتعاون مع Blumhouse Productions، وهو مصنف +18 نظرًا لاحتوائه على مشاهد عنف ومحتوى جنسي وألفاظ نابية.

تدور أحداث الفيلم حول “آيريس”، فتاة ترافق صديقها “جوش” في عطلة نهاية أسبوع داخل كوخ فاخر بصحبة أصدقائهما. وبينما تبدو الأحداث طبيعية في بدايتها، ينقلب المشهد بالكامل عندما تكتشف آيريس أنها ليست إنسانة، بل روبوت تم برمجته خصيصًا ليكون شريكًا عاطفيًا مثاليًا يتم التحكم فيه عبر تطبيق رقمي.

الفكرة، التي تلامس حدود الفلسفة والواقع المعاصر، تطرح أسئلة جوهرية حول الوعي الاصطناعي، والحرية، والعلاقات المبرمجة، في وقت يزداد فيه اعتماد البشر على التكنولوجيا لإشباع احتياجاتهم العاطفية والاجتماعية.

نال الفيلم إشادة نقدية واسعة، حيث سجل تقييمًا بلغ 94% على موقع Rotten Tomatoes من قِبل النقاد، و88% من الجمهور، بينما حقق تقييم 7.1/10 على موقع IMDb. وعلى منصة Metacritic حصل على درجة 70/100، وهو ما يعكس توازنًا بين الرؤية الإبداعية واهتمام الجمهور العام.

ورغم تصنيفه كفيلم رعب نفسي، إلا أن Companion يتميز ببنية سردية تتجاوز التصنيفات التقليدية، حيث يمزج بين الخيال العلمي، والسخرية الاجتماعية، والتأملات الوجودية. النقاد وصفوه بأنه “فيلم يضغط على زر التسلية لكنه لا يفرّغ الرسالة من عمقها”، وفقًا لما ورد في مراجعة The Guardian.

من أبرز عناصر قوة الفيلم هو تصميمه البصري المحكم. استعان درو هانكوك بأسلوب تصوير يمزج بين الواقعية والانقباض النفسي، فجاءت اللقطات المقربة (Close-ups) لتسلط الضوء على تغيرات التعبير في وجه آيريس، وكأن الكاميرا تحاول التقاط إشارات الوعي الاصطناعي داخلها.

كما استُخدمت زوايا الكاميرا المنخفضة (Low Angles) عند تصوير الشخصيات البشرية، لإبراز تفوقهم اللحظي على الروبوت، فيما تم قلب الزوايا في لحظات المواجهة لتسليط الضوء على قوة الروبوت العاطفية. أما الإضاءة فقد لعبت دورًا رئيسيًا، حيث تنقلت بين الدفء والبرود الصناعي، تبعًا لتحولات السرد.

الجانب التكنولوجي ليس عنصرًا ديكوريًا في Companion، بل هو الأساس الذي تقوم عليه الحبكة. فشخصية “آيريس” تمثل روبوتًا بشريًا مدعومًا بذكاء اصطناعي متقدم، مُصمم خصيصًا لتلبية احتياجات المستخدم العاطفية، من خلال تطبيق يشبه منصات المواعدة الحديثة.

الفيلم لا يكتفي بتقديم تصور تقني، بل يناقش بشكل رمزي ما إذا كانت الحرية والحب يمكن برمجتهما، ويطرح تساؤلات حول أخلاقيات الاستخدام البشري للتقنيات العاطفية، وحدود العلاقة بين الآلة والإنسان، وذلك في زمن تشهد فيه تقنيات مثل ChatGPT وHumanoid Robots انتشارًا واسعًا.

رغم أن الفيلم لا يُصرح باستناده إلى قصة واقعية، إلا أن توقيت إطلاقه جاء بالتزامن مع تصاعد النقاشات العالمية حول الذكاء الاصطناعي، وسيطرة التطبيقات الرقمية على العلاقات الاجتماعية، مما جعله يُقرأ على أنه مرآة سردية للواقع، لا مجرد خيال سينمائي.

وقد بلغت ميزانية الفيلم 10 ملايين دولار، بينما حقق إيرادات تجاوزت 36 مليون دولار عالميًا، ما يدل على نجاحه الفني والتجاري معًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wpChatIcon
wpChatIcon