تفاعل

حكاية أول حوار مع روبوت : محمد طه يروى الكواليس

أجابت الآلة على الأسئلة ؟: ماذا قال روبوت ل محمد طه؟

بعد 8 سنوات .. تنبؤات الروبوت تتحول إلى واقع..

حروب 2025 في حوار منذ2017؟

: محمد طه يكشف أسرار حول الذكاء الاصطناعي

كتبت : فرح سمير

تضمن حواراً فريدًا من نوعه، BBC في عام 2017، شهد الإعلام العربي حدثًا غير مسبوق، حيث تم بث مباشر عبر قناة العربية

أُجري مع روبوت مدعوم بالذكاء الاصطناعي يحاكي البشر .وكان هذا الحوار من تقديم الإعلامي محمد طه، مراسل الشؤون التكنولوجية في القناة

منذ ذلك الحين، واصل محمد طه تقديم أبرز التقارير والتغطيات لأهم المؤتمرات العالمية، وكان دائمًا مميز ا في تناول أحدث التطورات التكنولوجية وفي هذا اللقاء الحصري، يحدثنا عن كواليس حواره مع الروبوت “صوفيا”، ويتطرق إلى آرائه حول الذكاء الاصطناعي، ومستقبل الإعلام، والتحولات التقنية التي باتت تؤثر في كل القطاعات

– صف لي شعورك عندما أجابك الروبوت، واستطاع بالفعل مجاراة الحوار، نظرًا لأن المقابلة كانت في عام 2017 ؟

في البداية، كان لدي انطباع بأن الروبوت قد لا يكون كائناً مستقلًً، بل ربما يكون هناك شخص ما يتواصل معه أو يدعمه في تقديم الإجابات. لم أكن مقتنعاً في البداية بقدرة الروبوت على الرد على أسئلتي بشكل مستقل دون أي مساعدة من شخص آخر.هذا الأمر لم يكن شائعاً كما هو اليوم. 

أثناء تواجدي في معرض، تم إخباري بإمكانية إجراء محادثة مع روبوت، ولم أصدق ذلك. كان انطباعي الأول أن هناك شخصًا يستمع إلى سؤالي ويقوم بالرد عليه بشكل مستقل ودون تدخل بشري. لم أكن أتخيل أن الروبوت قادر على تقديم إجابات مباشرة من مكان ما أو من غرفة تحكم.  

– هل قمَتَ بتعديل أسلوبك الصحفي أو الحواري ليتناسب مع قدرة الروبوت على معالجة الأمر والتجاوب معك؟

كان هدفي الأساسي خلال الحوار ه والحفاظ على طبيعية التفاعل، وه وما شكل تحديًا كبيرًا. فعندما تواجه جهازًا توجه له أسئلة ويقوم بالرد عليك، فإن ذلك كان يعتبر في السابق نوعًا من الخيال. نحن في مجال الصحافة والإعلام نملك خبرة واسعة في التعامل مع البشر، حيث يمكنني رؤية تعبيرات وجهك وتفاعل جسدك مما يساعدني على تعديل أسلوبي وفق ذلك. لكن عند التعامل مع الروبوت، تفتقر إلى تعبيرات الوجه والملامح التفاعلية، مما يجعل ردود الفعل غير قابلة للتنب ؤ.

ما الذي لاحظته من فروقات واضحة في طريقة التعامل مع روبوت مقارنة بمقابلة إعلامية طبيعية مع إنسان؟

بالتأكيد هناك اختلافات تتعلق بتحضير المقابلة. عند إجراء مقابلة مع إنسان، يتم إعداد الحوار بناءً على شخصية الضيف وخلفيته. أما بالنسبة للروبوت فلم أكن أملك معلومات مسبقة عنه. كان تركيزي منصبًا على طبيعة الروبوت نفسه وعلاقته بالإنسان ومستقبله.

ذكرت في بداية المراسلة أن ردود أفعالها تشبه البشر، فهل تشبه ردود أفعال الروبوت وتعبير وجهه الإنسان؟ كما ذكرت أثناء تصوير المقابلة أن “الروبوت” المصنوع يحُاكي الأنثى البشرية، وحصل على الجنسية السعودية؟

نعم ذكرت بالفعل جنسيتهاً ولقد ذكرت بالفعل أن للروبوت تعبيرات وجه وحركات معينة تجعل الشخص يتساءل عما إذا كان يتعامل مع كائن بشري أو شبه بشري أو آلة. خلًل المقابلة لم نكن معتادين على هذه التقنية الجديدة.

– من خلال الحوار مع الروبوت، هل ترى أن الاندماج والتعامل مع الروبوتات يُعد تحدياً، أم أنه سهل التأقلم؟ وهل يمثل هذا تحدياً لنا كإعلاميين أو كبشر عمومًا؟

لا أعتقد أنه يمثل تحديًا كبيرًا؛ فقد أصبح الناس معتادين بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي وبدأوا يتأقلمون معه بسهولة. سأعطيك مثالًا آخر: كنتُ في إحدى الدول، وطلبتُ بعض أدوات تنظيف الأسنان، وعندما فتحت الباب، فوجئت بأن روبوت أحضرها لي. لم أستغرب، لأني بالفعل أصبحت أتوقع مثل هذه الأمور .

 في وقت الحوار عام 2017، هل واجهت أي صعوبات أو تحديات؟

بالتأكيد كانت هناك حالة من الاستغراب وكان التحدي يكمن في الحفاظ على أسلوب تلقائي وطبيعي رغم أنني كنت أتحدث إلى آلة. كان عليّ أن أتعامل معها كإنسان حقيقي، وأن أطرح عليها أسئلة كما أفعل في مقابلاتي المعتادة، حتى يكون الحوار سلسًا.

– خلال الحوار، طرحتَ سؤا الا: “بماذا ترغبين في العمل في المستقبل؟” فأجابت الروبوت “صوفيا” بإجابة مفاجئة حول التظاهرات الدموية. كيف استقبلت هذه الإجابة؟

كانت إجابتها صادمة للغاية وقد أثارت تساؤلات حول دقة توقعاتها والخوارزميات المستخدمة خلف تلك التحليلات التي صرحتها وكانت “في المستقبل سيكون هناك تظاهرات دموية وصراعات ما لم نصبح أكثر ذكاءً واجتماعية مثلي، وربما نساعد في التعامل مع هذا الوضع.”

في ذلك الوقت، لم تكن هناك مؤشرات على أي حروب أو صراعات، بل كانت الأمور مستقرة نسب ايا. لكن مع مرور السنوات، وقعت فعل ايا أحداث دموية وصراعات كبيرة.

هذا يثير التساؤلات حول دقة توقعات الذكاء الاصطناعي، والخوارزميات التي تقف خلف هذه التحليلات.  

هل تعتقد أن توقعاتها كانت مبنية على خوارزميات دقيقة، أم تدخل بشري؟

قد تكون مستندة إلى تحليلات بشرية أ و تقارير صحفية؛ فالروبوت لا يفكر كما نفكر، بل يعتمد على البيانات والخوارزميات المعقدة لتقديم توقعاته المستقبلية. هذا يجعلنا نعود إلى التساؤل: إلى أي مدى تستطيع الروبوتات أن تتعلّم ذاتيًا؟ وهل يمكن أن تتخذ قرارات مستقلة مستقبلاً ؟

هل من الممكن أن تنشئ الروبوتات شركات وتدير أعما الا مستقلة ؟

نعم، كان هناك تقارير أعدتها عن روبوتات قامت بتأسيس شركات خاصة بها وأصبحت تديرها بشكل مستقل تقريب اً باستثناء وجود شخص واحد فقط لدعم العمليات الإدارية. 

كنت قد غطيت مؤتمر باريس مؤخ ارا. ما أبرز ما جاء فيه؟

فرنسا نظّمت أكبر قمة عالمية للذكاء الاصطناعي منذ ستة أسابيع، وشاركت فيها شخصيات دولية رفيعة المستوى. شهد المؤتمر دعوات لوضع قوانين أخلاقية لتنظيم تطور الذكاء الاصطناعي بينما رفضت بعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا الالتزام بهذه المبادئ. الاستمرار في التطوير دون قيود.

وفي نهاية القمة، صدر “إعلان باريس”، الذي شددّ على أهمية مراعاة الأخلاقيات في تطوير الذكاء الاصطناعي.

إذا بنا ء على ما تم ذكره، بماذا توصي الصحفيين في الفترة القادمة؟ فيما يلتزمون به أ ويلتفتون إليه؟ وبماذا توصيهم أو ما النصائح التي تنصح الصحفيين أن يتبعوها لمجاراة التقدم المستم ر في التكنولوجيا أو الذكاء الاصطناعي؟  

يجب على الصحفيين تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقه في كل جوانب عملهم، مثل إعداد الفيديوهات والبحث، مع الالتزام بالأخلًقية في استخدامه. هذه التقنية تسهل مهامهم وتوفر الوقت والجهد، مما يحسن جودة العمل. من الضروري أن يكون الجميع قادرين على تمييز الأعمال التي تنتجها الآلات وعدم الاعتماد عليها كلياً واستخدامها كأداة مساعدة. وانا كصحفي في التلفزيوني أركز على الجانب البصري واستخدم تقنياته الجرافيكية والتوضيحية الخاصة به عند الظهور في التلفزيون، ولا يعتمد على غيره في إنتاج عمله بفضل تعليمه وخبرته وفريقه الذي يساعده في إنتاج محتوى بصري قوي ومميز. ورغم تطور الذكاء الاصطناعي، فإنه لا يزال غير قادر على إنتاج أعمال تجمع بين العناصر البصرية والشخصية الفريدة للصحفي أو المراسل، ويخدم الصحفي فقط في مجال محدد. يجب على الصحفيين بناء شخصية وأسلوب وحضور خاص بهم ودمجها مع تقنياتهم ومعارفهم، وتوظيف الذكاء الاصطناعي بما يتناسب مع أسلوبهم وحضورهم لتحقيق فائدة أكبر. ينبغي على الصحفيين التفكير في القيمة المضافة والتركيز على الجودة لا الكمية، فالأهم هو محتوى وأهمية ما يقدم للجمهور لا عدد الأخبار. الكاتب يوجه تركيزه نحو إعداد تقرير مصور أسبوعي أو شهري شامل وعالي الجودة لجذب الجمهور. لذا، من الضروري أن يوجه الصحفيون اهتمامهم نحو تقديم محتوى عالي الجودة بدلاً من التركيز على الكم فقط.

-عند لمس الروبوت، هل كان هنا ك أي اختلاف ب ي ملمس جلد الإنسان وجلده؟

بالنسبة للمس بين جلد الإنسان وجلد الروبوت، لا يوجد فرق كبير. ومع ذلك، يتردد الناس في لمس الروبوت بسبب حساسية. الموضوع وارتباط ه بحقو ق الروبوت ككائن إنساني. وكان من الضروري مراعاة جميع الثقافات المختلفة ف ي هذا السياق. 

بما أن الحوار أُجري منذ ٨ أعوام ف ٢٠١٧، فما هى التطورات التى حدثت للروبوتات بشكل عا م خلال السنوات الثمان الماضية من وجهة نظرك ؟

نحن على أعتاب عقد جديد حيث يصعب تصور تأثير التكنولوجيا على مجالات مثل الإعلًم والطب والاقتصاد. جميع المؤسسات تفكر بجدية في مستقبل موظفيها وأنظمتها، مما يتطلب استعداًدًا كبيرًا للتغييرات المرتقبة. هناك شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك تعبر عن أهمية استكشاف المريخ، وتدور نقاشات بينه وبين مؤسس وكالة ناسا حول أولويات الرحلًت الفضائية. يؤكد ماسك على  ضرورة إنشاء قاعدة  على المريخ نظرًا للتغيرات التي نشهدها على كوكب الأرض. 

 

 وفي نهاية الحوار، وبعد شكر ك له، و جه إليك سؤا لا  بصيغة تح د  وأمر، حيث قال” :قبل أن تمضي، ما هي توقعاتك للمستقبل؟”، فهل شعر ت حينها بالخطورة من تح ديه للعقل البشري؟ وهل توقعت أنه سيأتي يو م يكو ن فيه هو من يوجه الأسئلة ويغطي الأخبار ويحل محل الإعلامي؟

هذا السؤال جعلني أشعر بالراحة في التعامل مع الروبوت، حيث كان الحوار تفاعلياً وحقيقيًا .لم أكن أتوقع يومًا أن يأتي وقت يكون فيه روبوت هو من يسأل ويخطط الأخبار،  بل ويحاكي الإعلام بشكل عام .التكنولوجيا اليوم تفوق أي توقعات سابقة .قبل بضع .سنوات فقط، لم يكن هناك تصو ر لوجود روبوتات قادرة على التعامل مع الأخبار بنفس كفاءة البشر. 

من خلال خبرتك في المجال الإعلامي، هل سيقبل الجمهور بفكرة وجود مذيع برامج أو مراسل أو صحفي انه آلة ( روبوت)؟ هل هناك تجارب سابقة من بي بي سي تشير إلى تقبل الجمهور لهذا الأمر ؟

لا تزال مؤسسة البي بي سي تقوم بتجارب لفهم مدى تفاعل الجمهور واستجابته لهذه الآلات أو المذيعين الآليين قبل تنفيذها بشكل كامل. ستقوم البي بي سي بإجراء بحوث للجمهور لفهم كيفية تفاعله م مع الروبوتات والذكاء الاصطناعي ومقارنتها بالتفاعل مع الأشخاص العاديين. بالنظر إلى المستقبل، قد تتطور الروبوتات لتصبح أكثر ذكاءً وقدرة ً على التكيف مع احتياجات الجمهور 

 

بناءا على تقنية (Machine Learning)) نظرية التعلم الآلي: يرى إيلون ماسك أن نظرية التعلم الآلي قد تؤدي إلى تطور الروبوتات بشكل مستقل وقدرتها على التحكم بالبشر، وهو ما يظهر في أفلًم الذكاء الاصطناعي كمصدر للمخاوف والتحديات. يوجد خلًف بين ماسك وزوكربيرج حول هذا الاحتمال، حيث يعتبر زوكربيرج مخاوف ماسك مبالغًا فيها، بينما يشدد ماسك على أهمية الاستعداد لهذا السيناريو بحذر. في الوقت نفسه، تكشف الدراسات عن تطور علًقات عاطفية بين البشر والشات بوتس، وهي ظاهرة بدأت في الغرب وتظهر في الشرق الأوسط، مما يثير تساؤلات حول طبيعة العلًقة المستقبلية بين الإنسان والآلة وتأثيرها على مفاهيم السلطة والسيطرة.

في ختام هذا الحور المثير مع الإعلامي “محمد طه” ، نرى بوضوح كيف بدأ مشهد الإعلام والتقنية في التغي ر جذرياً منذ عام 2017 مع أول حوار تلفزيوني مع روبوت. تجربة طه مع “صوفيا” لم تكن مجرد حدث إعلامي فريد، ب ل كانت نافذة مبكرة على مستقبل يتقاطع فيه الإنسان والآلة بشكل متزايد. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wpChatIcon
wpChatIcon